الرابعة نيوز: توصلت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الصغار الذين يقضون وقتًا طويلاً في اللعب بأجهزة تعمل باللمس يعانون من تشتيت الانتباه بسهولة، بحسب ما نشرته "ديلي ميل" البريطانية.
باستخدام تقنية تتبع العين، وجد خبراء بريطانيون وسويديون أن الأطفال الذين يستخدمون شاشة تعمل باللمس يوميًا كانوا أسرع في الالتفات والنظر إلى أشياء أخرى عندما تظهر في مجال رؤيتهم على شاشة الكمبيوتر.
وكشفت التجارب أن هؤلاء الأطفال كانوا أيضًا أقل قدرة على مقاومة الإلهاء مقارنة بالأطفال الصغار الذين لا يستخدمون شاشة اللمس أو يستخدمونها لفترات قليلة.
جدل حول تأثير الشاشات
وتضيف نتائج الدراسة المزيد من البيانات إلى الجدل المتزايد حول دور الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدام الشاشات في التأثير على نموهم والآثار المترتبة على زيادة معدلات استخدام الأطفال للشاشات التي تعمل باللمس، سواء للهواتف الذكية أو الكمبيوترات اللوحية خلال الوباء الحالي.
ووفقًا لـ"أوفكوم"، الهيئة التنظيمية للاتصالات في بريطانيا، استخدم 63% من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث إلى أربع سنوات الأجهزة اللوحية في المنزل في عام 2019، ارتفاعًا من 28% في عام 2013.
يُعتقد أن هذه أن هذه النسبة ربما ترتفع على الأرجح بسبب زيادة عدد الأجهزة في جميع أنحاء المنزل نتيجة للحاجة إلى البقاء على اتصال أثناء الإغلاق.
أشار الباحث بروفيسور تيم سميث من مركز تطوير الدماغ والمعرفة في بيركبيك بجامعة لندن إلى "تسارع استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية من قبل الأطفال الصغار في السنوات الأخيرة ''.
تعتبر السنوات القليلة الأولى من الحياة حاسمة للأطفال لتعلم كيفية التحكم في انتباههم وتجاهل الإلهاء، وهي مهارات مبكرة معروفة بأهميتها للإنجاز الأكاديمي اللاحق.
وأضاف بروفيسور سميت أنه "كان هناك قلق متزايد من أن استخدام الأطفال الصغار للشاشات التي تعمل باللمس يمكن أن يؤثر سلبًا على اهتمامهم النامي، ولكن في السابق لم يكن هناك دليل تجريبي يدعم ذلك".
هل يتأثر الرضع؟
يقود بروفيسور سميث حاليًا مشروع "تابلت" في كلية بيركبيك، الذي يبحث في استخدام الرضع للأجهزة التي تعمل باللمس والتأثيرات.
يتم جمع بيانات المشروع البحثي، الذي يتناول السلوكيات المتعمدة للأطفال الصغار والتعلم باستخدام شاشات اللمس، عبر الإنترنت واستبيانات قصيرة وفي مركز بيركبيك لتنمية الدماغ والنمو المعرفي، المعروف أيضًا باسم "بيبي لاب".
قام الباحثون بدراسة حالات 40 رضيعًا بداية من عمر 12 شهرًا. تم اختيار الأطفال من عينات كانت تستخدم الشاشات بشكل مستمر بمعدلات مرتفعة وآخرين بمعدلات استخدام منخفضة حتى مرحلة ما قبل المدرسة.
سؤال للآباء
تابعت الدراسة الأطفال على مدار الـ 30 شهر التالية، حيث تم إدخالهم المختبر ثلاث مرات، تحديدًا في عمر 12 شهرًا و18 شهرًا و42 شهرًا.
وقام الآباء بتقييم فترات استخدام شاشة اللمس لأطفالهم بالساعات والدقائق قبل كل زيارة، من خلال سؤال، مضمن في استبيان عبر الإنترنت، جاء فيه: "في يوم عادي، كم من الوقت يقضي طفلك في استخدام جهاز بشاشة تعمل باللمس (كمبيوتر لوحي أو هاتف ذكي أو كمبيوتر محمول بشاشة تعمل باللمس)؟"
وخلال كل زيارة للمختبر، شارك الأطفال الصغار في مهام الكمبيوتر باستخدام متتبع العين Tobii TX300 لقياس انتباههم عند ظهور الأشياء في مواقع مختلفة لشاشات الكمبيوتر.
قام الباحثون بقياس مدى سرعة نظر الأطفال الصغار إلى الأشياء ومدى قدرتهم على تجاهل الأشياء المشتتة للانتباه. وكشفت النتائج أن الرضع والأطفال الصغار، الذين يستخدمون شاشة لمس بمعدلات عالية، كانوا أسرع في النظر إلى الأشياء عند ظهورها وكانوا أقل قدرة على تجاهل الأشياء المُشتتة مقارنةً بالأطفال الأقل استخدامًا للشاشات باللمس.
شكوك في النتائج
ولكن لم تقم الدراسة التي تم نشر نتائجها في دورية Scientific Reports، السبب والنتيجة، حيث قالت الباحثة دكتور آنا ماريا برتغال من معهد كارولينسكا بستوكهولم في السويد: "لا يمكننا حاليًا استنتاج أن استخدام الشاشة التي تعمل باللمس تسبب في اختلافات في الانتباه. يمكن أن يكون الأطفال الأكثر تشتتًا أكثر انجذابًا إلى ميزات جذب الانتباه للأجهزة التي تعمل باللمس من أولئك الأكثر تركيزًا."
بل وذهب الفريق البحثي إلى قول إن حقيقة أن الأطفال الذين يستخدمون الهاتف الذكي بكثرة كانوا أكثر عرضة لتشتيت الانتباه يمكن تفسيره على أنه سمة إيجابية أو سلبية.
ويخطط الفريق البحثي حاليًا لإجراء دراسة لبحث كيفية ترجمة سلوكيات الانتباه الموجودة في السياقات القائمة على الشاشة خارج المختبر.
قالت الباحثة المشاركة دكتور راشيل بيدفورد، من قسم علم النفس في جامعة باث: إن "ما نحتاج إلى معرفته بعد ذلك هو كيف يرتبط هذا النمط من البحث المتزايد عن الأشياء المشتتة على الشاشات بالانتباه في العالم الحقيقي. وما إذا كان ذلك السلوك علامة إيجابية على تكيف الأطفال مع متطلبات تعدد المهام لبيئتهم اليومية المعقدة أم أنها تتعلق بأنهم يعانون من صعوبات أثناء المهام التي تتطلب التركيز؟".
وأضافت قائلة إن ما نحتاج إلى معرفته هو ما إذا كان هذا الاختلاف في الانتباه مفيدًا أم ضارًا لحياتهم اليومية، إذ أنه من الأهمية بمكان أن يكون فهمًا أفضل لمدى تأثير هذه التكنولوجيا الحديثة ومن ثم استخدامها بطريقة تزيد من الفوائد وتقلل من أي عواقب سلبية."
يؤخذ أيضًا على نتائج الدراسة أن تقييم وقت ومعدلات استخدام الأطفال للشاشات التي تعمل باللمس استند إلى إجابات الآباء على سؤال في الاستبيان، وربما يكون هناك تحيز من الآباء أو أن يكون هناك تقليل من التقدير للفترات الزمنية.
التفاح الأحمر والأزرق
في العام الماضي، كشف بحث مشروع "تابلت"، المنشور في دورية JAMA Pediatrics، أن الأطفال الصغار الذين يستخدمون شاشة تعمل باللمس يوميًا يكونون أسرع للعثور على الأهداف التي برزت أثناء عمليات البحث المرئي.
باستخدام نفس مجموعة الرضع مثل هذه الدراسة، شارك الأطفال الصغار في مهمة كمبيوتر، وكانت أعمارهم عند زيارتهم للمختبر 18 شهرًا ثم 42 شهرًا.
تم تدريب الأطفال على عملية بحث "سهلة" عبارة عن محاولة العثور على تفاحة حمراء من بين عدد متفاوت من التفاح الأزرق، أو تجربة "صعبة" للبحث عن تفاح أزرق وسط شرائح تفاح حمراء.
راقب متتبع العين نظراتهم وكافأ الأطفال بصريًا عندما عثروا على التفاحة الحمراء، مما سمح لهم بأداء المهمة على الرغم من أنهم كانوا أصغر من أن يصفوا ما كانوا يفعلونه شفهيًا.
قالت دكتور بيدفورد آنذاك: "تم التوصل إلى أنه في كل من 18 شهرًا و3.5 عامًا، كان مستخدمو الشاشات التي تعمل باللمس بمعدلات عالية أسرع من المستخدمين المنخفضين للعثور على التفاحة الحمراء عندما تميزت بين التفاح الأزرق. ولكن لم يكن هناك فرق بين مجموعات مستخدمي الشاشة التي تعمل باللمس عندما كان من الصعب العثور على التفاح.