الرئيسية آخر الأخبار الأسرى الرياضة فعاليات برامج الإذاعه عين الرابعة اتصل بنا لاعلاناتكم من نحن

غناء صامت ينعش اندماج ذوي الإعاقة

2016-11-14 17:49:03 آخر الأخبار

الرابعة نيوز: طه أبو حسين - في الطابور الصباحي لمدرسة يافا الأساسية ببلدة بيت كاحل غرب الخليل، تصطف الطالبات بتناسق خلية النحل، انتظامهن ووحدتهن في انشاد لحن الوطن كان يدوي في المكان، وخلاله أيضا خرجت ستة أصوات عن السياق غير أنها أكثر حياة، خمسة تضيع منهن بعض الحروف، والأخيرة لميس تغني بعينيها دون لسانها المربوط عن الكلام.

 

الطالبات الست جئن من واقع يختلف عن واقع الطالبات الأخريات، فهن أدرجن وفقا لحالتهن في خانة ذوي الإعاقة.

 

الطفلة لميس، تعرضت للحرق ووصفت طبياً من الدرجة الثالثة لشدة خطورتها، لم تتداوى كما يجب، ولم تحظى بالاهتمام المطلوب من العائلة، فلم تجرى لها عمليات تجميل وبقيت بألمها وحسرتها وعقدتها التي تنامت مع مشكلة عضوية تتمثل بما هو معروف "ربط اللسان"؛ فهي لا تتحدث ولا تنطق ببنت شفة، غير أنها دخلت مدرسة يافا الأساسية  علّها تجد بارقة حياة.

 

 

لم تنفك لميس عن قضم شفتها السفلى والحيرة تملئ عينيها، والاحتكاك بأيّ طالبة أو أي مار من جانبها ينتج عنه وجع قد يصل حد البكاء بسبب الحروق التي أهملت، غير أن ما يزيد الطينة بلة، أن لميس لا تقوى التعبير عن كل ذلك الوجع بالكلام كونها لا تنطق بعد كما تؤكد مديرة مدرستها سيرين القاضي.

 

وتأخذ عينا لميس كل ناظر إليها لبحر من الوجع أوله موج متخبط، وتصف القاضي زاوية من بحر وجعها :" لميس محروقة من الدرجة الثالثة، وهي بحاجة لعمليات التجميل، وعلى ما يبدو طريقة التعامل مع الحرق من البداية لم يكن صحيحا، فلم تجد اهتماما خاصة أن أمها غير موجودة بالبيت لأنها تغسل الكلى، فمعظم وقتها بالمستشفى، ولميس كلما اصطدم بها أحد تبكي لشدة الوجع، وللأسف الأهل غير متعاونين وخاصة بما يتعلق بلسانها المربوط الذي يحتاج لعملية جراحية ناهيك عن عمليات التجميل".

 

تلك قصة من بين صفحات مدرسة يافا الأساسية في بلدة بيت كاحل غرب الخليل، التي آثرت أن تضم 6 طالبات من الأشخاص ذوي الإعاقة لدمجهن مع قريناتهن والمجتمع بشكل عامل، وفي قصة أخرى كان الموج قد شدّ الطفلة رؤيا على شاطئ وجع آخر يتمثل بالثقافة المجتمعية ورفضها الاعتراف أن الطفلة تعاني من إعاقة عقلية.

 

القاضي تتحدث بمقتضى الألم :" الطفلة رؤيا، أهلها لم يستوعبوا ويتقبلوا أن لديها إعاقة عقلية، وبعد جهود كبيرة بذلت اقتنعوا بإرسالها لإحدى الجمعيات التي أكدت إعاقتها بنسبة 30%، بالتالي الاعتماد الأول والأخير على الأهل في تفهم احتياجات أبناءهم، وإلا كانوا ضحايا مدى العمر، خاصة أن كثير الإعاقات يمكن علاجها أو على الأقل السيطرة عليها".

في ذات الإطار وتحت وطأة وجع الإهمال المجتمعي والأسرى خاصة تكمل القاضي: " كل طالبة لها إعاقة مختلفة، طالبتين بإعاقة عقلية بسيطة، وهناك إعاقة حركية ، وهناك إضافة لإعاقة مرضية بالكلى، وغيرها، وجميعهن كن منطويات لأن المجتمع أهملهن، غير أننا في المدرسة سعينا جاهدين لدمجهن عبر برامج متنوعة بين الطالبات".

 

 

في محاولة لإخراج الطفلات الستة من غياهب العزلة المجتمعية ومن الإهمال الأسري، شاركت مدرسة يافا الأساسية عبر مبادرة "معا نحن قادرون" في مسابقة مع مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية الهادفة لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة علّها تفوز بجائزة أفضل المبادرات المجتمعية لتعود بثمارها على الطالبات وتوفير وسائل تعليمية خاصة لهن.

 

دخول هذه المبادرة منح المدرسة وكادرها التدريسي خلفية أكبر عن طريق التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة الذي من شأنه الارتقاء بالمستوى التعليمي للطالبات إلى جانب دمجهن مع زميلاتهن والمجتمع، حيث كان هناك أنشطة ليست فقط للمعاقات، وإنما للطالبات الأخريات حتى يتعلمن كيف يتصرفن ويتعاملن مع زميلاتهن اللاتي يحتجن لرعاية خاصة.

 

"المعلمة قبل أن تكون مدرسة هي (أم)" قالت المعلمة عزية شويكي "كان هناك تذمر من بعض معلمات المدرسة لوجود الطالبات من ذوي الإعاقة خاصة اللواتي حركتهن زائدة لأن ذلك يؤثر على الطلبة، إلا أنه مع التجربة والحديث والتعريف حول كيفية التعامل معهن، صار هناك قبول من المعلمات، بل أضفن جوا جديدا للغرف الصفية، ما خلق حياة تكاملية داخلها".

 

 

"فهناك تعزيز مادي لإنجاح برنامج التعامل مع ذوي الاحتياجات، ونحن من ضمن المدارس التي تخوض منافسة الفوز بالمسابقة التي بدأت مطلع أيلول من العام الحالي وستكون نتائجها أواخر شهر تشرين ثاني" حسب شويكي.

 

استطاعت مدرسة يافا بإدارتها وطالباتها دمج الطالبات من ذوي الإعاقة، بتعليمهن أساليب الحياة سواء استخدام الحمام، الكتب، الرسم، ثم بدأت مراحل الخطوة الثانية بكيفية تحسين التحصيل الدراسي، من خلال توفير أوراق عمل مميزة بألوانها وأشكالها وإسناد الطالبات لهن ورغبتهن بإشراكهن الحياة.

 

المصدر: شبكة راية الاعلامية