الرئيسية آخر الأخبار الأسرى الرياضة فعاليات برامج الإذاعه عين الرابعة اتصل بنا لاعلاناتكم من نحن

"مرح" الأسيرةُ المصابة: قبلّوا ماما وأخبروها أنني سأنال شهادة الثانوية العامة

2015-12-24 16:24:18 الأسرى

الرابعة نيوز: فور خروجهن من بوابة المدرسة الواقعة على الأطراف الغربية من حي الشيخ جراح غربي القدس؛ ألحت مرح باكير طالبة الثانوية العامة "التوجيهي" على صديقتها أسماء بالذهاب معها إلى البيت لتناول طعام الغذاء مع العائلة. في بادئ الأمر رفضت الفتاة دعوة صديقتها، لكنها في أخر المطاف استجابت لها بعد إلحاح مرح الشديد.



في طريق العودة، وبعد أن نزلن من الحافلة على مدخل بلدة بيت حنينا، تتحدث الصديقتان اللتان اتمتا عامهنّ الـ "16"حديثاً عن حياتهن الدراسية مع السنة المصيرية التي ستدفع بهن إلى الحياة الجامعية.



وفي غمرة حديث الفتاتين اللتين ترتديان الزي المدرسي الأزرق الداكن وعلى ظهرهن حقيبة مدرسية، قابلتهن قوة إسرائيلية على قارعة الطريق الرئيسي من البلدة، اقترب أحد الجنود منهن وأطلق 12 رصاصة باتجاه جسد مرح الصغير، وهو يصرخ "مخربة ..مخربة".



العائلة يضربها الهوس

فزعت أسماء من مشهد صديقتها وهي ملقاة على الأرض، مضرّجة بدمائها، تبكي وتصرخ لا تعرف إلى أين تذهب أو ماذا ينبغي عليها أن تفعل، فيما اكتفى الجنود بالنظر إلى مرح وهي تنزف!



بقيت مرح على حالها حتى فقدت وعيها، وقتها نقلها الاحتلال إلى مستشفى هداسا الإسرائيلي لتلقي العلاج، بينما أسماء صديقتها تمكنت من الهرب أخيراً، كان ذلك في ظهيرة يوم 2015.12.10.



بتوتر وخوف، مسرعةً هاتفت أسماء والدة مرح وتدعى سوسن وتُكنى بــ"أم موسى" تخبرها بما جرى في ابنتها الكبيرة، في البداية لم تصدق الأم هذا واعتقدت أن صديقة ابنتها تمازحها فقط، لكنّ إصرار وبكاء أسماء أجبرا الأم على تصديقها لتفقد حينها أعصابها وتسقط أرضاً من هول ما سمعت.



بصوتٍ خافت تقول سوسن الأربعينية : " فور سماعنا بالخبر، سارعنا إلى السجن الإسرائيلي في العيساوية، لمعرفة ما حصل مع ابنتي، لكن الاحتلال رفض اطلاعنا على شيء"، وبحسب الأم فإن المعلومة الوحيدة التي أعطوها لعائلة باكير هي أن فتاتهم تخضع لعملية جراحية في مستشفى هداسا.


إسرائيل تكذب

و تّدعي إسرائيل أن مرح التي تعيش في أسرة مكونة من خمسة أفراد، كانت تحمل بيدها سكيناً وتنوي تنفيذ عملية طعن بحق أحد الجنود الذين تواجدوا في مكان الحادثة، لكن هذه الرواية نفتها أسماء ومجموعة من الطالبات اللاتي تواجدن وقت الحادثة، كذلك انتشر مقطع فيديو مصور على مواقع تواصل الاجتماعي يبين صراخ وبكاء مرح، ويظهر عدم وجود أي سكين بجانبها! 



الأم سوسن رفضت بشكلٍ قاطع تلك الاتهامات التي وُجهت لابنتها بأنها حاولت طعن جندياً إسرائيلياً، مردفةً في حديثها:"ابنتي حلمها نيل الشهادة الجامعية لترفع رأسنا بها، وكل تلك الاتهامات الإسرائيلية مرفوضة".



السجن والجحيم

بعد نقلها إلى المستشفى الإسرائيلي، أدخلوها في قسم العمليات وأجروا لها عملية في كتفها الأيسر الذي سكنته عدة رصاصات فيما كانت مدة الجراحة قرابة ساعتين ونصف، وبحسب المحامية سناء كويك الموكلة بقضية مرح التي وكلتها عائلة باكير فور وقوع الحادثة، أن الأطباء هناك زرعوا أسياخ البلاتين في كتف ويد الفتاة المُصابة لأن هناك تفتت كبير في عظمة الكتف.



ومكثت مرح 20 يوماً بلياليهن على سرير المرض في تلك المستشفى، دون مواساة من أمها أو سنداً من والدها، كل ما كانت تملكه هو نفسها فقط، مع كثيرٍ من الألم والبكاء، وقليلٍ من النوم!



كذلك ذكر الناطق باسم أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب أن مرح خضعت لحراسة أمنية مشددة بعد أن تم اتهامها بالتخطيط للقيام بعملية طعن، فيما يؤكد والد مرح "أبو موسى" الذي يعمل كتاجر صغير أن ابنته طالبة مدرسية بريئة من كل الاتهامات، قائلاً: "مرح تبذل منذ بداية العام الدراسي الحالي جهداً مضاعفاً كي تحصل على معدل عالٍ في الثانوية العامة يمكنها من دراسة السكرتارية الطبية؛ وهدفها الأول الحصول على شهادة جامعية تبني لها مستقبلاً زاهراً".



في تلك الفترة حاولت عائلة باكير المقدسية بعد رجاء من سلطات الاحتلال بالسماح لهم بزيارة ابنتهم المصابة في المستشفى، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.



وبالرجوع إلى المحامية دويك أكدت في حديثها: "أن الجنود الإسرائيليين هم من اعتدوا عليها، كذلك خلال جلسة المحاكمة التي عقدت غيابياً لم ُتقدم أي أدلة تثبت وجود عملية طعن، وكلما سألت المحامية عن الأدلة تصدها إجابة إسرائيلية مختصرة : "هذا ملف سري لا يمكن الحديث عنه".



لم يندمل جرح مرح بعد، إلا أن سلطات الاحتلال لم تأبه لهذا وقامت بنقلها إلى سجن عسقلان، لتقبع الفتاة بصحبة الأسيرتين المصابتين القاصرتين استبرق نور "14 عاما"، وجيهان عرفات " 15عاما" في غرفة معزولة وسيئة تفتقد لكل المقومات الإنسانية.



"عند نقلي إلى سجن عسقلان، تم إزالة غطاء العلاج عن كتفي من إحدى السجانات؛ أنا بحاجة إلى أدوية وإلى تغيير على الجرح". قالت هذا مرح في زيارة المحامية كويك بعد ثلاثة أيام من مكوثها في السجن.



رغم الإهمال الطبي والأوجاع التي سيطرت على جسد مرح، إلا أنّ إسرائيل لم ترحمها حين تعرضت لاعتداءات هي وزميلاتها بالضرب والمضايقات من الشرطيات الإسرائيليات.



شقيقية مرح وتدعى نور (13 عاما) تقول بنبرة بريئة وخائفة: " في كل مرة تخبرنا المحامية أن مرح تتعرض للضرب  في الوقت الذي تحتاج فيه إلى العلاج، طوال الليل أبكي وأدعو الله أن يخفف عنها". وتختم حديثها : " أشتاق لمرح كثيراً كثيراً، يارب يفرجوا عنها".



مكثت مرح قرابة الأسبوع في سجن عسقلان ثم جرى نقلها مع زميلاتها إلى سجن الرملة، ويجدر التنويه أن هذا السجن مخصص للجنائيات المعنفات، ليعشن مرة أخرى في ظروف حياتية أشبه بالجحيم.



"جرى تفتيشي وأنا شبه عارية وبشكلٍ مذل، ظروف السجن سيئة، لم يرحمونا ابداً " عبارة نقلتها المحامية على لسان مرح في زيارة أخرى.



وبالعودة إلى والد مرح المكلوم يتابع: "حين علمنا أنه جرى نقل مرح إلى سجن المعنفات، تواصلنا مع هيئة الأسرى، وأرسلنا برسالة إلى الرئيس الفلسطيني، ولكن كل ذلك لم يجدِ نفعا".



وفي اليوم السابع من مكوثها هناك سمح الاحتلال بزيارة عائلتها لها، تقول سوسن والدتها: "كانت معنوياتها مرتفعة وأكدت لي أنها تريد كتب الدراسة لتكمل ما قد خططت له، ولكن جسدها متعب جداً، كانت تتألم كثيرا من كتفها".



كانت مدة الزيارة قرابة الربع ساعة، عادت الفتاة المصابة إلى زنزانتها ورجعت العائلة إلى البيت تدعو الله بأن يخفف عنها. قبعت مرح وزميلاتها قرابة 15 يوم في سجن الرملة، ومن ثم جرى نقلها هي وزميلاتها إلى سجن هاشارون الإسرائيلي.


حين وصلت مرح إلى سجن هاشارون، زارتها حنين زعبي عضو البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" وطلبت الأسيرة من زعبي : " أريد ان أكمل التوجيهي، لن يمنعني الإهمال الطبي والاعتقال عن اتمام حلمي". هكذا تقول والدة مرح.

سأصل لحلمي

حكاية مرح الأسيرة المصابة ليست الأولى والأخيرة، فبحسب رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية عيسى قراقع أوضح أن بجانب مرح أربع أسيرات مُصابات من بين 39 أسيرة جرى اعتقالها طوال عمر انتفاضة القدس التي أبصرت النور في مطلع أكتوبر، وهن الطفلة استبرق نور وأمل طقاطقة وشروق دويات وحلوة محامرة.

في ذات السياق يقول رياض الأشقر الباحث في شؤون الأسرى ومدير مركز القدس للدراسات: " الأسيرات اللاتي اعتقلن منذ مطلع أكتوبر يعشن أوضاعاً صعبة للغاية"، وأضاف: "من الممكن أن يطلق الاحتلال صراح بعض الأسيرات، ولكنه لن يكون بالأمر السهل، باعتبار الأسيرات الضلع المكسور للفلسطينيين، وهذا يوفر عامل ضغط قد يرضخواإلى مطالب إسرائيل".

وفي ختام حديثنا مع عائلة باكير أجمعوا على أن: "مرح، رغم الألم والاعتقال ستواصل سعيها بالدراسة من أجل نيل شهادة الثانوية العامة ولن يمنعها من هذا سوى الموت".

"حمزة أبو الطرابيش "