ليبراسيون: الاشتباكات في السويداء تهزّ أركان السلطة في سوريا

2025-07-17
الرابعة نيوز_تحت عنوان “الاشتباكات في السويداء تهزّ أركان السلطة في سوريا”، قالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية إن الوضع خرج عن السيطرة تمامًا في محافظة السويداء جنوب سوريا. فعمليات القتل، والنهب، والسلب، والمجازر بحق عائلات بأكملها في هذه المنطقة ذات الأغلبية الدرزية أدّت إلى نزوح جماعي للسكان. وقد بلغ عدد القتلى، معظمهم من المقاتلين، أكثر من 300 قتيل.
وأدت الغارات الإسرائيلية المتصاعدة ضد القوات الحكومية المتمركزة في دمشق، حيث تم قصف مقر القيادة العامة للجيش، إلى توسيع دائرة المواجهة التي لم تعد سورية- داخلية فقط. وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي سوريا من أن تل أبيب ستوجه لها “ضربات موجعة”.وأضافت الصحيفة الفرنسية أن أعمال العنف، التي كان يُخشى اندلاعها منذ اندلاع الاشتباكات، يوم الأحد، بين الميليشيات الدرزية والقبائل البدوية، والتي استدعت تدخل القوات الحكومية، أدت إلى فوضى شاملة، مذكّرةً بالسيناريو المأساوي على الساحل السوري، في شهر مارس، الذي أدى إلى مجزرة بحق العلويين.
وبعد فشل وقف إطلاق النار، الذي أُعلن صباح الثلاثاء من قبل وزير الدفاع السوري، إثر اتفاق مع وجهاء الدروز المحليين، حاولت قوات السلطة الجديدة في دمشق فرض سيطرتها على مدينة السويداء، لكنها قوبلت بمقاومة شرسة من الميليشيات الدرزية الرافضة لتواجد قوات السلطة الإسلامية في منطقتهم.
وأكدت وزارة الدفاع السورية أن “مجموعات خارجة عن القانون عاودت مهاجمة قوات الجيش والأمن الداخلي في المدينة” بعد إعلان وقف إطلاق النار، مضيفةً أن “الجيش يواصل الرد على مصادر النيران في المدينة”، ودعت الوزارة، عبر وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، السكان إلى البقاء في منازلهم.
ويوم الأربعاء، وصلت تعزيزات من الرجال والعتاد، أُرسلت من دمشق ورافقها عناصر متطرفون غير منضبطين قادمين من شمال سوريا، إلى داخل المدينة، لكن هذه المرة بقوة السلاح والعنف.

وقال أحد السكان عبر تطبيق “واتساب”: “المتطرفون المجانين، الملتحون والمبعثرون الشعر من إدلب، والتركمان الذين رأيناهم على الساحل، اجتاحوا السويداء ليرتكبوا نفس الفظائع”.

وكما حدث مع مرتكبي مجزرة العلويين، تعهّدت الرئاسة السورية، يوم الأربعاء، بـ “معاقبة” من يرتكبون الانتهاكات في مدينة السويداء، حيث اتّهمت القوات الحكومية وحلفاؤها بعمليات إعدام ميدانية من قبل منظمات غير حكومية، وشهود، ومجموعات درزية.
وفي ظل حالة الذعر، فرّت الغالبية من سكان المدينة، البالغ عددهم 150 ألف نسمة نحو منطقة شهبا المجاورة، بينما تَوجّهَ الآلاف نحو الحدود مع إسرائيل، حيث تم صدّهم من قبل الجيش الإسرائيلي. وأُعلن عن وقف إطلاق نار جديد قبيل الساعة 17:30 بالتوقيت المحلي، تشير “ليبراسيون”.
وفي المقابل، عبّر الدروز الإسرائيليون عن تضامنهم مع إخوانهم في سوريا. وأطلق شيخ الطائفة الدرزية في إسرائيل نداءً إلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، طالب فيه بـ”إجبار النظام السوري على الانسحاب من السويداء”، محذرًا من “خطر وجودي” يتهدد الدروز السوريين. وأعلن باقي مشايخ الدروز في إسرائيل عن إضراب عام وفوري للضغط على الحكومة كي تتدخل في سوريا. وقد باشرت الحكومة بالفعل بالتدخل، ما أثار قلقًا دوليًا من احتمال توسع الصراع على نطاق إقليمي.
وعبّرت فرنسا عن “قلقها البالغ” إزاء الاشتباكات، مستنكرة “الانتهاكات التي تستهدف المدنيين”. ودعت باريس إلى “الوقف الفوري للقتال” وحثّت جميع الأطراف على بذل كل ما في وسعهم لضمان أمن المدنيين، واستعادة الهدوء، وتعزيز السلام بين جميع مكونات المجتمع السوري، ولا سيما بين الدروز والمجتمعات الأخرى في السويداء. كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن “فرنسا تدعم جهود السلطات الانتقالية السورية ومسؤولي منطقة السويداء لاستئناف الحوار، وتأمل في التوصل إلى اتفاق دائم يعزز وحدة سوريا واستقرارها وسيادتها وأمن جميع السوريين”.
من جانبه، دعا المبعوث الأمريكي، توم باراك، يوم الأربعاء، جميع الأطراف إلى “التراجع” والانخراط في حوار يهدف إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في سوريا. وقال في منشور على منصة “إكس”: “ندين بشكل قاطع العنف ضد المدنيين في السويداء. على جميع الأطراف التراجع والانخراط في حوار بنّاء يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار”. هذه الدعوات، التي توجه إلى “جميع الأطراف”، تعكس استمرار الثقة إلى حد ما في سلطات أحمد الشرع في سوريا، رغم أنها تبدو عاجزة في مواجهة هذه المحنة الداخلية والخارجية المزدوجة.

ومرة أخرى، تُظهِر القوات الحكومية فشلها في السيطرة على قواتها، ومنع تدخل المجموعات المتطرفة الخارجة عن السيطرة التي ارتكبت انتهاكات.

في الوقت ذاته، يبدو أن السلطة الإسلامية السورية غير قادرة على الرد على الهجمات الإسرائيلية المتزايدة شراسة، حتى في قلب دمشق. وتُطرح بشكل متزايد مسألة قدرة النظام السوري على إدارة البلاد والدفاع عنها، خاصةً أنه استفاد مؤخرًا من انفتاح دولي استثنائي، خصوصًا على المستوى الاقتصادي. وفي غياب أي بديل سوى الفوضى، يرى الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط أن “الحوار هو الخيار الوحيد الممكن”، مقترحًا “خطة واضحة لاستعادة الأمن ودمج المقاتلين الدروز في الجيش النظامي السوري من خلال قرار مشترك بين السلطات الدرزية والسلطة المركزية”.



وقت آخر تعديل: 2025-07-17 11:07:03