الرابعة نيوز_سعدية عبيد: في مشهدٍ يومي يتكرر أمام مراكز التوزيع الإنسانية في غزة، يتحول الأمل إلى خيبة، وتصبح النجاة معركة يخوضها الجوعى بأجساد منهكة وأرواح محطمة. شاحنات المساعدات تصل محمّلة بالحياة، لكنها لا تبلغ مستحقيها. في ظل فوضى عارمة وغياب شبه تام للتنظيم والرقابة، تُختطف المعونات من أفواه الجوعى، لتتحول إلى سلعة في سوق لا يرحم.
المواطن باسل السقا عبّر عن وجعٍ بقوله:
"للأسف الشديد، ما نراه اليوم من سرقة للمساعدات واعتراض الشاحنات لم يعد يقتصر على أفراد عاديين، بل أصبح يتم على أيدي تجار وحرامية، يستغلون حاجة الناس وجوعهم."
وأشار إلى أن المواد الأساسية ككيس الطحين أو السيرج أو كيلو العدس باتت تُباع بأسعار خيالية، رغم أنها من المفترض أن تصل إلى الناس بالمجان.
"اليوم، لا توجد سيولة، والناس لا تملك ثمن كيلو طحين. الأسعار جنونية: وصل ثمنه من فترة قصيرة إلى 80 شيكل! هذا ظلم، وحرام."
ويضيف بحرقة:
"الوضع مأساوي… الناس تبيع ما تملك لتشتري لقمة عيش، بينما هناك من يتحكم بالمساعدات، يفرز ما يريد ويمنع ما يريد، لا لشيء سوى للربح. كيلو السكر يُباع بـ100 دولار تقريبًا، في ظل موتٍ بطيء للناس."
وختم السقا بقوله:
"للأسف، أصبحنا ندفع ثمن الحرب من جوعنا وقهرنا. حسبي الله في من يسرق المساعدات، سنُحاججكم يوم القيامة."
"ندفع ثمن المساعدة من كرامتنا وجيوبنا"
فيما قالت المواطنة سميرة أحمد :"طالما المساعدات ما بتوصلش لمراكز التوزيع، فالوضع بيضل مأساوي. إحنا ما حصلناش حتى على قوت يومنا، ومع هيك بنضطر نشتريها من السوق وكأنها بضاعة تجارية و بأسعار خيالية ."
وتضيف:
"أنا كمواطنة، مضطرة أشتري كيس طحين بـ60 أو 70 شيكل، مع أنه جاي كمساعدة! من حقي أحصل عليه مجانًا، مش أدفع ثمنه مرتين: من كرامتي وجيبي."
وتحدثت سميرة بغضب عن مشاهد صادمة عبر مواقع التواصل:
"ناس بتفتح كيس الطحين وبتكب الطحين على الارض عشان تعبي فيه سكر وسيرج! مع انه في ناس بتحلم بكيلو طحين!"
وختمت بصرخة إنسانية:
"رجاءً، اتركوا المساعدات توصل لمراكز التوزيع الآمنة. زي ما صار حراسة على شحنات الأدوية، لازم يصير حماية للغذاء. كفى إذلالاً للناس."
جوعى ينتظرون… ولصوص يجنون الأرباح
يوميًا، يتوجه عشرات الآلاف من المواطنين بحثًا عن لقمة نجاة، لكن الكثير منهم لا يعود بشيء، سوى خيبةٍ جديدة. في المقابل، هناك من امتهن التربّح من المأساة، يتقاسمون المساعدات ويبيعونها بأسعار فلكية، غير مبالين بصرخات الجوعى ولا أنين المعدة الخاوية.
هؤلاء اللصوص، لو توقفوا عن سرقة المساعدات يومين فقط في الأسبوع، لربما وصلت لكل محتاج.
غزة تحتاج وقفة، تحتاج عدالة، تحتاج توزيعًا يحفظ الكرامة ويوصل الحق لأهله.
المساعدات ليست منّة، بل حق.
وسرقتها جريمة مضاعفة،
لصوص المساعدات كما المحتل… قتلوا الشعب مرتين:
مرة بالقهر، ومرة بالجوع.