الرابعة نيوز_الخليل-تقرير معا- بينما تُبادر الحكومة الفلسطينية بخطوات لمعالجة أزمات بيئية في الخليل، تستمر إسرائيل في فرض إجراءات عقابية مالية، تُجهض أي مسعى تنموي، وتحوّل المعالجة إلى عبء اقتصادي جديد، في وقت يعاني فيه المواطنون من شح المياه وصعوبة المعيشة.
83 مليون شيكل هو المبلغ الذي صادرته حكومة الاحتلال من أموال المقاصة المحتجزة لديها، خلال الـ3 أعوام الماضية، بدل تكاليف معالجة التلوث البيئي في مناطق جنوب فلسطين، بسبب "الربو السائل" من مناشير الحجر في جنوب الخليل.
وأكدت مصادرنا، ان سلطات الاحتلال صادرت على مدار الاعوام مئات الملايين من الشواكل، لمعالجة الاضرار البيئية التي خلفها ربو المناشير.
وأوضح، المهندس مهيب الجعبري مدير عام مديرية وزارة الصناعة في محافظة الخليل، بأن حكومة الاحتلال، قد صادرت خلال العام 2022، 23 مليون شيكل، وفي عام 2023، صادرت 25 مليون شيكل، أما في عام 2024، فقد صادرت 35 مليون شيكل، ليصبح المجموع 83 مليون شيكل.
وتُعد مشكلة مياه "الربو" أو "الروبة" الخارجة من مناشير الحجر في جنوب محافظة الخليل أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجه المنطقة، نظرًا لتأثيراتها السلبية الواسعة على الموارد المائية، التربة، وحتى صحة الإنسان. هذه المياه، التي تُعرف بـ "ربو المناشير"، هي في الأساس مخلفات سائلة صناعية تنتج عن عمليات قص وصقل الحجر، حيث تختلط الأتربة الدقيقة ومخلفات القطع بالماء المستخدم في هذه العمليات، لتتحول إلى سائل ملوث يحمل معه آثارًا بيئية خطيرة.
وبرزت أهمية حل ومعالجة مشكلة ربو المناشير بعد قرار سلطات الاحتلال، مؤخراً باغلاق نحو 17 منشار حجر في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل.
وعقدت اجتماعات في بلدية الخليل وغرفة الخليل، قامت بلدية الخليل على إثرها باغلاق عدة فتحات على شبكة الصرف الصحي في محاولة لمنع القاء الربو.
مناشير تتخلص من بالربو في شبكة الصرف الصحي العامة
وتقدر كميات مياه الربو الناتجة عن مناشير الحجر في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل وعددها 153 منشار، بنحو 500 متر مكعب يوميا، وهناك عدد قليل من المناشير يقوم بمعالجة الربو في منشاره وبالتعاون مع جهات الاختصاص.
وقال هاشم صلاح مدير عام سلطة جودة البيئة في الخليل، تعاني مناطق جنوب الخليل من تلوث بيئي بسبب "الربو" ويمتد التلوث على طول 43 كيلو متر في عمق النقب. وعملت سلطة جودة البيئة بالتعاون مع سلطة المياه و وزارة الاقتصاد على إعداد دراسة حول الأثر البيئي للربو، وتم اعتماد هذه الدراسة في العام 2023، ولكن بسبب ظروف الحرب لم يبدأ المشروع بعد على الارض.
وأوضح ان العديد من مناشير الحجر في المنطقة الصناعية، عملوا على مدار اعوام، على القاء نفاياتهم من الربو في شبكة الصرف الصحي العامة، دون وجه حق، وفيه مخالفة قانونية. وشبكة الصرف الصحي، تمتد الى داخل النقب.
وقال صلاح:" نحن في سلطة جودة البيئة نتابع عن كثب مع الجهات ذات الاختصاص، ونأمل بأن يتم حل الاشكاليات العالقة من الجانب الاسرائيلي، وجاهزون للبدء في تطبيق المرحلة الاولى من مشروع معالجة ربو مناشير الحجر في الخليل.
5.3 مليون دولار موازنة من الحكومة للتخلص من ربو مناشير الخليل "حل طارئ"
في العام 2023، صادق مجلس الوزراء الفلسطيني، على مشروع التخلُّصْ من ربو مناشير الحجر في الخليل بهدف الحفاظ على البيئة والأراضي الزراعية وتطوير المنشآت الصناعية في قطاع الحجر، بموازنة تُقدر بنحو 5.3 مليون دولار، والمصادقة جاءت بناء على دراسة أعدتها سلطة المياه الفلسطينية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد ووزارة الحكم المحلي وسلطة جودة البيئة وغرفة تجارة الخليل وبلدية الخليل. ولم يُشارك اتحاد صناعة الحجر والرخام في هذه الدراسة.
المشروع بصيغته النهائية على الورق، يبدو واعدا، حيث استعرضت وزارة الاقتصاد حينما كانت تتولى إدارة هذا الملف، مراحل تنفيذه. وقالت في حينه:" المرحلة الأولى من تنفيذ المشروع هي مرحلة الحل الطارئ أو قصير الأمد، وهي الأهم في المرحلة الحالية كونها توفّر حل فوري ضمن وقت زمني قصير لمنع تصريف ربو المناشير من خلال شبكة الصرف الصحي. ومن المتوقع في المرحلة الأولى توفير محطة تجميع مركزية مؤقتة للتخلص من ربو مصانع الحجر والرخام في موقع "خلة الشرباتي" وتجميع ونقل الربو من خلال الصهاريج للمحطة وتفعيل إجراءات الرقابة على أصحاب المصانع وفق إطار القانون والتشريعات".
اما المرحلة الثانية وهي حسب وزارة الاقتصاد :" تتمثل في الحل طويل الأمد (الدائم) من خلال إنشاء محطة معالجة مركزية لمعالجة المياه الصناعية، بالإضافة إلى الاستثمار في منتجات الربو الجاف في الصناعات الأخرى وإعادة استخدام المياه الناتجة عن المعالجة في الصناعة".
ماذا حدث منذ الاعلان على مصادقة مجلس الوزراء على موازنة المشروع، وحتى اليوم؟
ابو قبيطة: نحن اصحاب الاختصاص.. ويجب فصل التجارة عن الصناعة
وقال حسن ابو قبيطة نائب رئيس اتحاد صناعة الحجر والرخام في فلسطين:" للأسف، لم يتم إشراك الاتحاد في إعداد وصياغة هذا المشروع، كوننا أصحاب اختصاص، ولدينا تجربة رائدة في التخلص من ربو مناشير الحجر في نابلس واستخدامه في صناعات أخرى بعد معالجته".
وأضاف:" وزارة المالية و وزارة الاقتصاد وقعتا في حينه اتفاقية مع غرفة تجارة الخليل، على تنفيذ المشروع، وهم يتحدثون على معالجة أولية، تمتد لأربعة أعوام، ونحن نتحدث عن حلول جذرية لهذه المشكلة".
وأردف في حديثه:" هناك 120 منشار حجر منضوي في عضوية الاتحاد من منطقة الخليل، وكلهم ملتزمون، وقمنا مؤخرا بتوقيع اتفاقية مع الوكالة البلجيكية لمعالجة مشكلة ربو عدد من مناشير الحجر، من خلال توفير آلات عصر للربو السائل، وسيبدأ العمل قريبا في 15 منشار حجر، بطرق حديثه".
من جانبه قال عبده إدريس رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية ورئيس غرفة الخليل، بأن العمل يجري على قدم وساق للبدء في تنفيذ مشروع معالجة ربو المناشير، وهناك بعض العراقيل من الجانب الاسرائيلي، موضحاً بأن سلسلة من الاجتماعات واللقاءات عقدت خلال الآونة الأخيرة لتذليل هذه العراقيل.
وأردف في حديثه:" هذه المشكلة التي تؤرق الجميع، بات لزاما علينا جميعا حلها ووقف التلوث البيئي، وتحويل مخلفات الربو لمشاريع اقتصادية ناجحة، تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية".