الرابعة نيوز_عهود الخفش- لم تعد قرية فرخة الوادعة، جنوب محافظة سلفيت، قريةً بعيدة عن اعتداءات المستوطنين، بعدما تحولت منذ سنوات إلى ساحة مواجهة يومية تهدف لاقتلاع أهلها من أرضهم.
يقطن "فرخة" نحو 1800 نسمة، وتمتد على مساحة تقارب 6 آلاف دونما مقسمة إلى 23 حوضا، بينها 13 حوضا تمثل ما يقارب 75% من أشجار الزيتون؛ غير أن الاحتلال يمنع المزارعين من الوصول إلى هذه الأراضي والعمل فيها، ما يفاقم خسائرهم السنوية من إنتاج زيت الزيتون.
في لقاء مع محافظ سلفيت أ. مصطفى طقاطقة، اشار الى أن إرهاب المستوطنين ضد المواطنين وممتلكاتهم، وصل إلى مستويات غير مسبوقة ويتم بشكل ممنهج، بحماية جيش الاحتلال؛ واوضح أن ميليشيات المستوطنين تستمد الدعم والتشجيع من المستوى السياسي في دولة الاحتلال، الأمر الذي يمنحها شعورا بالحماية والحصانة لمواصلة عربدتها وجرائمها بأشكالها المختلفة.
واكد المحافظ طقاطقة أن هذه الممارسات تأتي في إطار سياسة الضم التدريجي للضفة الغربية، وتهدف إلى تفجير الأوضاع، بما يقوّض فرص تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض؛ وشدد على وقوف محافظة سلفيت بكافة اذرعها ومؤسساتها الرسمية الى جانب المواطنين، بشتى الامكانيات المتاحة، في مواجهة خطر الاستيطان وممارسات الاحتلال العدوانية.
هذا وتضاعفت معاناة ابناء قرية فرخة، مع إعلان الاحتلال عام 2017 مخططا للاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي القرية، لتبدأ بعدها سلسلة انتهاكات ممنهجة مستمرة مع محاولات السلب والاعتداء.
بدوره، قال رئيس مجلس قروي فرخة مصطفى حماد :" إن معاناة القرية تفاقمت منذ عامين حيث نتعرض لعمليه تهجير ومصادرة الأراضي عقب إقامة بؤرة استيطانية وشق طريق يربط مستوطنة "أريئيل" ببؤر في جبل الراس وجبل الباطن." مشيرا أن الخطر الأكبر يتمثل في مرور الشارع الاستيطاني بمحاذاة نبعَي مياه (المطوي والينبوع)، اللذّين يزوّدان فرخة بنحو 35% من احتياجاتها المائية. واوضح حماد، ان هذا النبع يبعد مسافة لا تتجاوز 50 متراً عن الشارع الاستيطاني، والذي أقدم المستوطنون على تحويله إلى بركة سباحة خاصة بهم، ما أدى إلى تراجع كميات المياه المتدفقة للقرية، والتسبب في شح مائي انعكس سلباً على الزراعة ورفع أسعار المياه على المواطنين.
تصعيد استيطاني ممنهج
بحماية جيش الاحتلال، ينفذ المستوطنون اعتداءات متكررة تستهدف المواطنين وممتلكاتهم وتشمل رعي مواشيهم بين أشجار الزيتون، الاعتداء الجسدي وطرد الأهالي تحت تهديد السلاح، تجريف وتخريب الأراضي، واقتلاع وتكسير عشرات أشجار الزيتون المعمّرة، فضلًا عن سرقة المعدات الزراعية واحتجاز المواطنين؛ كما يتعمد مستوطنو "أريئيل" فتح خطوط الصرف الصحي نحو الأراضي المشتركة لفرخة وسلفيت وبرقين، ما أدى لتلوث الحوض المائي الغربي، وهو الأكبر في فلسطين التاريخية، وحوّل القرية من سلة غذائية لقرى المحافظة إلى أرض مهددة بفقدان خصوبتها.
شهادات من الأرض
بتنهيدة كبيرة وصوت اثقله التعب قال المزارع ثمين يوسف بدح: "لم يمر يوم إلا وتعرضنا لهجمات من المستوطنين، كما اعتدوا مرتين، على أرضنا الواقعه في منطقة الجيزة، رغم انها منطقة مصنفة (أ) ومخصصة للتوسع العمراني، وحاول المستوطنون رعي أغنامهم بين أشجار الزيتون، ومُنعنا من الوصول إليها وطردنا بالقوة،" ويتابع" هذه المنطقة يوجد بها منازل ومشاريع زراعية وثروة حيوانية، ومع استمرار الاعتداءات باتت أكثر من نصف مساحة القرية وأكثر من 75% من أراضي الزيتون مهددة بالمصادرة."
مواجهة بصدور عارية
رغم الاعتداءات والاحتجازات والاعتقالات وإلغاء تصاريح العمل، يصر أهالي فرخة على التمسك بأرضهم، ويقول حماد:"إن المجلس القروي أطلق مبادرتين مع اللجنة الزراعية ولجنة الدفاع عن الأراضي لمواجهة مخططات الاستيطان، الاولى كانت عبارة عن سلسلة أيام عمل زراعي جماعي، حيث يتم اختيار أحد الأحواض أسبوعيا للعمل فيه جماعيا بهدف حماية الأرض من الإهمال، والمبادرة الثانية لحماية الينابيع: من حيث قمنا بترميم الطريق المؤدية إليها، وإقامة سياج وإنارة حولها، والتواجد الدائم فيها لمنع سيطرة المستوطنين."
ويضيف حماد: "أردنا أن نوصل رسالتنا لكل العالم أننا لن نترك أرضنا للمستوطنين، مهما كانت المخاطر"، مشددًا على أن ارتباطهم بالأرض يتجاوز المعيشة إلى عشق متجذر."
صمود رغم كل التحديات