"المبادرون"... بين خدمة الناس واستغلال المعاناة

2025-09-14
الرابعة نيوز_زة_ سعدية عبيد: في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة، ومع تصاعد الحاجة الإنسانية غير المسبوقة، برز مصطلح جديد في الشارع الغزّي: "المبادر". ويُقصد به الأفراد أو المجموعات التي تجمع الأموال من الخارج، إمّا عبر واجهات خيرية أو بجهود فردية، بدعوى تقديم المساعدات العاجلة للناس . 
الأمل الذي سرعان ما تلاشى 
مع بداية ظهور هذه المبادرات، استقبلها المواطنون بكثير من الترحيب، باعتبارها نافذة أمل في زمن القهر والجوع. خيمة لإيواء النازحين، وجبة ساخنة لعائلة فقدت منزلها، مساعدة مالية ليتيم أو جريح، أو حتى توزيع مياه للشرب... كانت صورًا بسيطة لكنها كفيلة ببعث الطمأنينة في قلوب المنهكين من الحرب. 
من الثقة إلى الشك 
غير أنّ المشهد لم يدم طويلًا، إذ سرعان ما تسلّل الشك إلى نفوس الناس. فقد انتشرت شهادات تتحدث عن استغلال بعض "المبادرين" لمعاناة الضحايا، عبر جمع مبالغ ضخمة بأسمائهم، بينما لا يصلهم منها إلا القليل. ويتهم مواطنون عددًا من هؤلاء المبادرين بالاحتفاظ بجزء كبير من الأموال لأنفسهم ولعوائلهم، خصوصًا في ذروة الأزمات. 
ويرى خبراء أن هذه الممارسات لم تعد حوادث فردية، بل تحوّلت إلى نمط متكرر في ظل غياب الرقابة والمحاسبة خلال ظروف الحرب. وهو ما جعل كثيرين يرون في "المبادرات" بابًا للاتجار بآلام الناس أكثر من كونها وسيلة لإغاثتهم. 
بين الحقيقة والاتهام 
رغم هذه الاتهامات، لا يمكن إنكار وجود مبادرين صادقين بذلوا جهودًا مخلصة ونجحوا في سد بعض الثغرات الإنسانية. لكن غياب الشفافية جعل الخط الفاصل بين العمل التطوعي النزيه والاستغلال بالغ الدقة. 
المواطن... الخاسر الأكبر 
وبين الحاجة الماسة وفوضى المبادرات، يبقى المواطن الغزّي الخاسر الأكبر. فهو محاصر بين جوع الحرب وحصارها، وبين من يمد له يد المساعدة ومن يستغل اسمه ومعاناته. 
وقد حاولنا التواصل مع عدد من المبادرين للرد على الاتهامات الموجهة لهم، إلا أنهم رفضوا التعليق. 
سؤال بلا إجابة 
وسط هذا الجدل، يظل السؤال قائمًا: كيف يمكن تنظيم العمل الخيري وضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها دون متاجرة أو استغلال؟
إلى أن يأتي الجواب، تبقى الحقيقة ضائعة، فيما يواصل الغزيون البحث عن مبادرات صادقة تعينهم على مواجهة أعباء الحرب.

وقت آخر تعديل: 2025-09-14 10:55:51