الرابعة نيوز_غزة_ سعدية عبيد:وسط أوجاع الحرب المستمرة، تتناقل عائلات الشهداء في قطاع غزة روايات مؤثرة عن جثامين أحبائهم التي بقيت على حالها أيامًا أو أسابيع دون تحلل، فيما تفوح منها رائحة المسك. مشاهد تزرع الطمأنينة في القلوب وتمنح ذوي الشهداء عزيمة على الصمود، بينما تثير تساؤلات حول البعد الشرعي والتفسير الطبي لهذه الظاهرة.
رؤية الشرع: منزلة رفيعة للشهداء
يؤكد الدكتور يسري عيدة، نائب مفتي الخليل، أن "الكرامة في اصطلاح العلماء هي أمر خارق للعادة، يظهره الله على يد ولي من أوليائه إكرامًا له أو تثبيتًا لغيره". ويضيف أن للشهيد منزلة عظيمة، فقد ورد في الحديث الشريف: "كل جرح يُجرَح في سبيل الله يأتي يوم القيامة كهيئته يوم جُرح، لونه لون دم وريحه ريح مسك" (رواه البخاري).
ومن كرامات الشهيد: غفران الذنوب عند أول دفقة دم، الأمان من فتنة القبر، رؤية مقعده من الجنة، الأمان من الفزع الأكبر، التتويج بتاج الوقار، والزواج من الحور العين، إضافة إلى شفاعته في سبعين من أهله.
تفسير علمي للظاهرة
من منظور الطب الشرعي، فإن بقاء بعض الجثامين دون تحلل يرتبط بعوامل بيئية وجسمانية متعددة، منها:
* الظروف البيئية مثل البرودة أو قلة الأكسجين داخل التربة، ما يبطئ نشاط البكتيريا.
* التحنيط الطبيعي الذي ينتج عن جفاف الأنسجة أو تحوّل الدهون إلى مادة شمعية (Adipocere) تعمل كطبقة واقية.
* طريقة الوفاة إذ تؤدي بعض الإصابات أو الحروق إلى قتل البكتيريا الداخلية، فتتأخر عملية التحلل.
ويؤكد الأطباء أن هذه التفسيرات العلمية لا تنفي أثر الإيمان عند الناس، بل تعكس جوانب طبيعية مكمّلة للبُعد الروحي.
أثر الشهداء في المجتمع
لا تتوقف دلالات الظاهرة عند الطب والشرع، بل تمتد إلى المجتمع الذي يعيش الحصار والعدوان. فكل شهيد يتحول إلى رمز يُلهِم الصمود، ويُبدّد الحزن الشخصي ليصنع قوة جماعية.
رسالة طمأنينة وأمل
ما بين التفسير العلمي والدلالات الشرعية، يبقى للشهداء حضور يتجاوز حدود الموت. فرائحة المسك التي تفوح من دمائهم هي رسالة إيمانية تؤكد علوّ مكانتهم، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: 169].
إنها كرامة الشهادة التي تبعث في القلوب الطمأنينة، وتبقي الشهداء أحياء في الوجدان الشعبي.