يترنح لبنان على حافة منعطف حاسم.. حيث تتكشف تبعات الأزمة الاقتصادية والسياسية التي لطالما حذر الخبراء من تراكمها.. مصادر دبلوماسية أكدت أن محاولات دول الغرب والخليج لإنقاذ بيروت اصطدمت بجدار من العجز والمراوحة الداخلية، فيما الأداء السياسي المتعثر يعمّق الأزمة ويجعل البلاد حبيسة شلل مطبق وتبعية كاملة.
واشنطن التي سعت لتشجيع حزب الله على نزع سلاحه طوعاً اصطدمت برفض بيروت لأي خطوات جريئة، مفضلة الحفاظ على الوضع القائم.. هذا الموقف جعل لبنان بحسب المصادر "دولة فاشلة" ترعى منظمة إرهابية ضمن قيادتها السياسية.. ومع انتهاء فترة الانفتاح التي أتاحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبدو أن الإدارة الحالية عادت إلى الإيقاع الدبلوماسي التقليدي تاركة لبنان وحده لمواجهة مسؤولياته.
تقارير عبرية أكدت أن حزب الله يواصل تهريب الأسلحة من إيران ويعيد بناء مخازنه وأنفاقه العسكرية في الجنوب والشمال رغم الضربات الإسرائيلية السابقة.. وتل أبيب حصلت على الضوء الأخضر لمواصلة الضربات الجوية لمنع إعادة تسليح الحزب وسط كل الاحتمالات المفتوحة في ظل فشل الدولة اللبنانية في تنفيذ التزاماتها الدولية.
محللون يؤكدون أن لبنان فقد فرصة تاريخية لضبط سلاح الحزب طوعاً وبقي الحوار بلا جدول زمني، ما أضعف الثقة الدولية.. التسريبات الأمريكية الأخيرة تعكس إحباطاً كاملاً من الطبقة السياسية اللبنانية وتحملها مسؤولية مصير البلاد..
في الوقت نفسه، تتكشف خطة إسرائيلية لإقامة ثلاث مناطق عازلة متداخلة جنوبي لبنان، بهدف نزع سلاح حزب الله وفرض واقع أمني دائم رغم اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024.. المنطقة الأولى بعمق 7 كيلومترات شمالي الخط الأزرق خالية تماماً من السكان.. والثانية على طول جنوبي نهر الليطاني بمساحة 30 كيلومتراً منزوعة السلاح بالكامل.. والثالثة الأوسع تمتد من نهر الليطاني شمالاً حتى نهر الأولي شرقاً مع تقييد الجيش اللبناني إلى حدود الشرطة، فيما تحتفظ إسرائيل بحرية كاملة في التلال الاستراتيجية.
وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس أكد أن المناطق العازلة ضرورة أمنية دائمة وأن أي تحرك لحزب الله سيقابل بـ"رد فوري".. في المقابل يصر لبنان على رفض المخططات معتبرًا إياها احتلالاً وانتهاكًا للقرار الأممي 1701، ومحذرًا من أن الهدف هو تغيير ديموغرافيا الجنوب.
اليوم لبنان يقف على حافة المجهول بين غياب السلطة وتصعيد إسرائيل وضغوط واشنطن، والسؤال لم يعد "هل سيحدث التصعيد؟" بل متى وأين ستكون شرارته الأولى؟