تحرش مظلم بالأطفال على فيسبوك.. والتشفير يمنع كشف الجرائم

2025-05-07
الرابعة نيوز - اتهمت الوكالة الوطنية للجريمة في المملكة المتحدة (NCA) شركة فيسبوك بتعريض حياة الأطفال للخطر، بعد انخفاض حاد في عدد تقاريرها المتعلقة بالاستغلال الجنسي للأطفال على منصتها، وذلك بنسبة 40% خلال عام 2024 مقارنة بعام 2023، بسبب التشفير الكامل الذي منع فيسبوك من رؤية الجرائم التي تُرتكب على منصتها، بحسب تقرير لصحيفة "تلغراف".

ووفقًا للأرقام الرسمية التي ستُعلن الإثنين، فقد تراجعت تقارير فيسبوك إلى النظام العالمي للإبلاغ عن الجرائم من 18 مليون بلاغ في عام 2023 إلى 11.1 مليون في عام 2024، أي بانخفاض قدره 6.9 مليون حالة.


قرار واحد أوصل إلى الكارثة

ويعزي مسؤولو الوكالة هذا التراجع الكبير إلى قرار مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، بتطبيق نظام التشفير الكامل (End-to-End Encryption) على خدمات التواصل في المنصة، مما يحول دون رصد الشركة للأنشطة غير القانونية التي تجري على شبكتها.

وقال أليكس موراي، مدير قسم التهديدات في الوكالة، إن انخفاض تقارير فيسبوك يتناقض مع ما حدث في شركات تواصل اجتماعي كبرى أخرى شهدت زيادة في عمليات الكشف والإبلاغ خلال نفس الفترة.

وأضاف أن التشفير الكامل منع فيسبوك من رؤية الجرائم التي تُرتكب على منصتها، مما أعاق قدرة الجهات الأمنية على جمع الأدلة، وحماية الأطفال، والقبض على الجناة.

فيسبوك ليس وحده

وتابع: "لا يمكن لشركات التكنولوجيا أن تزعم أنها تحمي الأطفال أو تلتزم بقانون الأمان الإلكتروني وهي تختار أن تتغاضى عن السلوك الإجرامي، ما يؤدي إلى إعادة إيذاء الضحايا وترك المجرمين أحرارًا يكررون جرائمهم".

من جهتها، كشفت المؤسسة الوطنية للأطفال المفقودين والمستغلين (NCMEC) أن تقارير شركات أخرى مثل X (تويتر سابقًا) التابعة لإيلون ماسك، وغوغل، وديسكورد، ومايكروسوفت، انخفضت أيضًا بنسبة 20% في 2024.

ويُعد هذا أول انخفاض سنوي في إجمالي عدد التقارير بعد تضاعفها تقريبًا خلال السنوات الـ 6 الماضية.

وقالت ميشيل ديلاون، الرئيسة التنفيذية لـNCMEC، في شهادة أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي، إن فقدان تقارير الاستغلال لا يعني فقط ضياع البيانات، بل "قد يعني فقدان طفل".

وأضافت: "كل تقرير ضائع قد يُمثّل طفلًا لن يتم التعرف عليه أبدًا أو إنقاذه. وفي هذه الأثناء، تستمر إساءة معاملته من دون رادع، بينما يبقى الجناة طلقاء ليستمروا في استغلال ضحايا جدد".

تركوا الأطفال في الظلام

وعبّر بول ووه، عضو لجنة الثقافة في مجلس العموم البريطاني، عن انتقاده للسماح لشركات التكنولوجيا بإطلاق التشفير الكامل دون ضمانات كافية للأجهزة الأمنية. وقال: "قبل عشرين عامًا، كان على شخص مثل غاري غليتر أن يسافر إلى الجانب الآخر من العالم للاعتداء على الأطفال، وكان على جيفري إبستين بناء جزيرته الخاصة لذلك. أما اليوم، فكل ما يحتاجه هؤلاء المجرمون هو إنشاء مجموعة على فيسبوك ماسنجر".

أما بول ستانفيلد، الرئيس التنفيذي لمعهد Childlight لحماية الأطفال، فقد اتهم شركات مثل فيسبوك بتفضيل الأرباح على سلامة الأطفال.

وقال: "لقد أطفأوا الأنوار على منصاتهم، وتركوا الأطفال في الظلام، عرضة للاستدراج والابتزاز والانتهاك، في حين يتحرك الجناة بحرية تامة".

ورغم توقع المؤسسة انخفاضًا جزئيًا في عدد التقارير بسبب تغيير منهجية التبليغ من خلال تجميع الحالات المتشابهة، إلا أن تحليلها للبيانات أظهر انخفاضًا فعليًا في إجمالي عدد الحوادث من 36.2 مليون حالة عام 2023 إلى 29.2 مليون حالة عام 2024، وكانت فيسبوك مسؤولة عن أكبر نسبة من هذا الانخفاض.


الـAI يفاقم المشكلة

وأشارت المؤسسة إلى أن السبب "الأرجح" لهذا التراجع هو بدء تطبيق فيسبوك لنظام التشفير الكامل في ديسمبر 2023، وذلك رغم وجود بيانات مستقلة تؤكد تصاعد وتيرة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، خاصةً مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التي تسهم في تفاقم المشكلة.

ويأتي هذا الكشف في سياق معركة قانونية عبر الأطلسي، حيث تطالب السلطات البريطانية شركات مثل "آبل" بفتح منافذ خلفية (Backdoors) للوصول إلى البيانات المشفرة لمكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال والإرهاب والأنشطة غير القانونية الأخرى.

وقد ردت شركة آبل بإجراءات غير مسبوقة، منها إزالة أدوات الحماية القصوى من أجهزة مستخدميها في المملكة المتحدة.

مسار قد يستغرق سنوات

وذكرت تقارير أن وزيرة الداخلية البريطانية، يفيت كوبر، كانت قد أثارت "المخاطر الكارثية" للتشفير الكامل في اجتماعها مع نك كليغ، نائب رئيس شركة ميتا (المالكة لفيسبوك وإنستغرام وواتساب) في وقت سابق من هذا العام.

وبحسب مستشارين حكوميين، فإن قانون الأمان الإلكتروني يمنح الحكومة سلطات لإجبار الشركات على تطوير تقنيات لرصد الاعتداءات، لكن تنفيذ تلك السلطات يتطلب مسارًا تنظيميًا طويلًا قد يستغرق عدة سنوات.

ماذا تقول الشركة؟

وردًا على هذه الانتقادات، قالت شركة فيسبوك في بيان: "لقد تعاونّا مع NCMEC لتنظيم عملية الإبلاغ عن طريق تجميع البلاغات المتكررة أو المرتبطة بمحتوى واحد. وقد ساهم هذا في تقليل عدد البلاغات العام الماضي، مما مكّن المؤسسة والسلطات من إدارة التقارير بشكل أفضل. سنواصل العمل مع NCMEC لتحسين جودة تقاريرنا ونتوقع أن نظل في صدارة الشركات من حيث الإبلاغ".

وقت آخر تعديل: 2025-05-07 10:59:01