ماهي مخاطر قرار سموتريتش بقطع العلاقة المصرفية مع البنوك الفلسطينية؟

2025-06-11
الرابعة نيوز - أمر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الثلاثاء بإلغاء إعفاء يتيح التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية، في خطوة تُعرّض النظام المصرفي الفلسطيني للخطر.

ونقل مكتب سموتريتش عنه تأكيده في بيان أن القرار جاء ردا على "حملة نزع الشرعية" التي تشنها السلطة الفلسطينية على إسرائيل عالميا.

وكان هذا الإعفاء يسمح للبنوك الإسرائيلية بإتمام مدفوعات بالشيقل للخدمات والرواتب المرتبطة بالسلطة الفلسطينية، دون أن تجد نفسها معرضة لاتهامات بغسل الأموال وتمويل التطرف.

وبدون الإعفاء، تنقطع الصلة بين البنوك الفلسطينية والنظام المالي الإسرائيلي.

ويأتي هذا القرار في الوقت الذي تواصل فيه السلطة الفلسطينية مواجهة ضغوط مالية متزايدة جراء تباطؤ المساعدات، فضلا عن القيود التي تفرضها إسرائيل على نظام تحويل عوائد الضرائب وتراجع مساهمات الفلسطينيين الذين حُرموا من سوق العمل الإسرائيلية بسبب الحرب في غزة.

وجاء القرار بعد ساعات من فرض بريطانيا وأربع دول أخرى عقوبات على سموتريتش وعلى وزير آخر من اليمين المتطرف بتهمة التحريض على العنف في الضفة الغربية. 

ولم يدخل القرار بعد حيز التنفيذ، إذ ينتهي سريان الإعفاء الأخير في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. 

وبدون هذا الإعفاء، ستتوقف البنوك الإسرائيلية عن التعامل مع المؤسسات المالية الفلسطينية، وسيتوقف الاقتصاد الفلسطيني فعليا بمرور الوقت.

وبينما يتعامل الاقتصاد الفلسطيني مع اقتصادات أخرى بعملات متعددة، فإن الاقتصاد يعمل رسميا بالشيكل (العملة الإسرائيلية) وتمر المؤسسات المالية الفلسطينية عبر البنوك الإسرائيلية للحصول عليه.

وتمر ما يقرب من 8 مليارات دولار من التجارة بين إسرائيل والضفة عبر هذه القنوات كل عام، وفقًا لبيانات الحكومة الأميركية. ويشمل ذلك 2.3 مليار دولار من المدفوعات للغذاء، و540 مليونا للكهرباء، و145 مليونا لخدمات المياه والصرف الصحي.

ومن شأن خسارة الإعفاء أن يعيق بشدة قدرة السلطة الفلسطينية على العمل ويشل النشاط الاقتصادي بالضفة.

ومن شأن انتهاء الإعفاء التأثير بشكل كبير على عمليات الاستيراد والتصدير، ومن المحتمل أن يتم تجميد أموال الضرائب الفلسطينية التي يتم جمعها من قبل إسرائيل.

ولن تتمكن الشركات الإسرائيلية -التي لها علاقات تجارية مع السلطة الفلسطينية- من إيداع الشيكات الفلسطينية أو تلقي المدفوعات من البنوك الفلسطينية.

ولم يعد من الممكن للعمال الفلسطينيين في إسرائيل أن يحصلوا على أجورهم عن طريق التحويل المصرفي الإلكتروني.

كل ذلك من شأنه خلق أزمة خطيرة قد تؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي الفلسطيني في الضفة، وفق دبلوماسيين غربيين حذروا من تداعيات القرار العام الماضي، حينما أصدر سموتيرتش قرارا مشابها قبل أن يتجدد الإعفاء.

وقبل اندلاع الحرب على غزة، كان الإعفاء يتجدد سنويا، ويعود هذا الترتيب إلى عام 2016، عندما بدأ مسؤولو الخزانة الأميركية تقديم رسالة سنوية إلى إسرائيل تتضمن تأكيدات بأن البنوك الإسرائيلية لن يتم استهدافها بمزاعم تمويل الإرهاب بسبب تعاملاتها مع الكيانات الفلسطينية.

أهمية العلاقة

تعتبر العلاقة مع البنوك الإسرائيلية، مصلحة مصرفية فلسطينية في المقام الأول، لأن التحويلات النقدية لأغراض التجارة بين الجانبين، لن تتم بدون هذه العلاقة.

يبلغ حجم التجارة بين الجانبين شهريا، قرابة 500 مليون دولار وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما تتجاوز قيمة التحويلات لكافة الأغراض قرابة مليار دولار أمريكي شهريا.

كذلك، تعتبر البنوك الإسرائيلية، مفتاحا رئيسا لولوج عديد البنوك الفلسطينية إلى النظام المصرفي العالمي، وبدون هذه العلاقة، ستفقد غالبية البنوك في القطاع المصرفي الفلسطيني، معظم مهامها الأساسية كبنوك كاملة الصلاحيات.

يقول مصدر في سلطة النقد الفلسطينية، للأناضول: "بدون العلاقة مع القطاع المصرفي الإسرائيلي، فإن عديد البنوك ستفقد معظم الخدمات التي تقدمها لعملائها، أبرزها التحويلات النقدية الصادرة والواردة من وإلى فلسطين".

ويعمل في السوق المصرفية الفلسطينية، 13 مصرفا محليا ووافدا، بواقع 7 بنوك محلية، و6 مصارف وافدة، منها 5 بنوك أردنية ومصرف مصري واحد.

وبموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، تشرف سلطة النقد الفلسطينية على القطاع المصرفي الفلسطيني، وتعمل بمثابة المستشار المالي الرسمي للسلطة الفلسطينية.

وتنظم سلطة النقد، جميع أنواع النشاطات البنكية بما في ذلك نشاطاتها الخارجية، وترخيص البنوك المقامة محليا وفروعها والهيئات التابعة لها والمشاريع المشتركة والمكاتب التي تمثل البنوك الأجنبية والمصادقة على السيطرة على المساهمين.

ويعتبر الشيكل الإسرائيلي واحداً من العملات المتداولة في فلسطين، إلى جانب الدولار والدينار الأردني واليورو الأوروبي، ويستخدم بشكل قانوني كوسيلة للدفع لكل الأغراض.

ومن حق سلطة النقد الفلسطينية، تحويل الشواكل الفائضة من البنوك العاملة في السوق المحلية إلى بنك إسرائيل إلى عملة أجنبية، إلا أن الجانب الإسرائيلي وضع سقفا أعلى للتحويلات سنويا بقرابة 18 مليار شيكل.

ويأتي فائض الشيكل إلى السوق الفلسطينية، من خلال أجور العمالة الفلسطينية في إسرائيل، ومدفوعات التجارة، ومشتريات فلسطينيي الداخل من الضفة الغربية.

ويبلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي الفلسطيني، قرابة 22 مليار دولار، بينما تبلغ ودائع العملاء حتى نهاية 2024، قرابة 18.7 مليار دولار، والتسهيلات قرب 11.1 مليار دولار.

ويعني قطع العلاقة مع البنكين الإسرائيليين، ومن خلفهما بنك إسرائيل "المركزي" تحول السوق الفلسطينية إلى مكب خلفي للعملة الإسرائيلية الفائضة، وهو أمر مرهق للبنوك التي وصلت لمرحلة تعجز فيها عن استقبال ودائع بالشيكل لامتلاء خزناتها بالعملة الإسرائيلية.

ولهذا التكدس من الشيكل، خسائر على البنوك، مثل خسائر التأمين على هذه الأموال، وتكاليف نقلها وتكاليف تخزينها، والأهم أنها أموال خاملة أي لا يتم استثمارها، بينما ينتقل التكدس في مراحل لاحقة إلى المواطنين غير القادرين على تصريف الشيكل نحو البنوك.

والنظرية المصرفية العالمية الصادرة عن بنك التسويات الدولي، تشير إلى تراجع قيمة العملة عندما يزيد المعروض منها داخل الأسواق، الأمر الذي ينتج عنه ظهور السوق الموازية للعملة.


" موقع اقتصادي " 

وقت آخر تعديل: 2025-06-11 13:56:11