"تبة النويري"... ملجأ بلا مأوى 

2025-09-24
الرابعة نيوز_
غزة_سعدية عبيد: في مشهد يُجسد أقسى معاني النزوح والمعاناة، وبينما تسير على تبة النويري في قطاع غزة، لا تحتاج إلى كثير من البحث لتصادف وجوهاً أنهكها التعب، وعيونًا فقدت بريق الطفولة... هناك، التقيت بأم هشام، أرملة نازحة من بيت لاهيا، تحتضن أطفالها ، و تجلس معهم على قطعة قماش في العراء على رصيف مدمر ، بعدما فقدوا كل شيء. 
ام هشام  شاهدة على واحدة من أبشع مآسي النزوح القسري التي فرضتها الحرب على آلاف العائلات في قطاع غزة. 
تروي  حكايتها بقهر  و حزن ، وتقول:
"نزحنا من بيت لاهيا مع أول الضربات، زوجي استُشهد في بداية الحرب، لم يكن أمامي خيار إلا اللجوء، فذهبت إلى منطقة المخابرات واستأجرت مكان بالكاد استطعت دفع أجرته  لشهرين، ثم تركته بسبب العجز عن الدفع. عندما طلب منا النزوح إلي الجنوب حملت أطفالي ومشيت يومًا ونصفًا على الأقدام حتى وصلنا إلى تبة النويري. لم نحمل شيئًا معنا، لا ملابس، لا طعام، لا خيمة تحمينا من الليل أو الشمس". 
اليوم، تعيش أم هشام وأطفالها في العراء، بين النمل والحشرات  والكلاب ، محتمين فقط بقطعة قماش تبرع بها أحد الأهالي تجلس عليها مع أطفالها . وتضيف:
"أحيانًا أترك أطفالي في الشارع وأذهب أبحث عن مأوى، لكن كل مكان يطلب مالاً أو خيمة، ولا نملك شيئًا. صرنا نتمنى الموت لنرتاح من هالعيشة ."
أكثر ما يؤلم في القصة هو الأطفال. ألمى (9 سنوات)، طفلة بريئة ملامحها احترقت بشمس الطريق، تقول:
"كنا في غزة وطلعونا بدون ولا حاجة. مشيت كثير، كنت أقول لماما ركبيني سيارة اتعبت كثير ، كانت تقولي مامعيش مصاري. كنت بيضة وحلوة، صرت سمرا من الشمس والخيمة. كنت شاطرة بالمدرسة، هلقيت ما بعرف أشي، ما في مدارس، ومشتاقة لبابا كثير، نفسي يرجع." 
أما سحر (12 سنة) فتقول بصوت خافت:
"احنا بالشارع عشان الحرب. نفسي نرجع على دارنا. نفسي أعيش زي باقي البنات."

حياة تتآكل على قارعة الطريق 
معاناة أم هشام ليست استثناءً. في غزة اليوم، آلاف العائلات تفترش الأرض، بعد أن فقدت بيوتها وأحبّاءها ومقومات الحياة. الشارع، الذي يُفترض أن يكون ممرًا عابرًا، بات مبيتًا دائمًا، ومأوىً لا يحمي من البرد ولا يقي من الجوع. 
لا مساعدات منتظمة، لا حمامات عامة، لا أمان... فقط الانتظار الطويل لنهاية حرب لا تنتهي، وأملٌ خافت في من يمد يد العون بصدق لا بعدسات الكاميرا. 
صرخة إنسانية 
قصة أم هشام وأطفالها ليست مجرد حالة فردية، بل هي صورة من واقع إنساني مأساوي يتفاقم يومًا بعد يوم. هي نداء استغاثة من قلب المعاناة ، يدعو الجميع – مؤسسات، منظمات، أفراد – إلى التحرك العاجل، ليس فقط لإغاثة أسرة، بل لإنقاذ كرامة الإنسان.

وقت آخر تعديل: 2025-09-24 11:47:40